كيف نبني أوطاننا ولا نهدمها؟

الحقيقة نيوز ـ بقلم / فضل القطيبي 
السبت الموافق ٥/ ٧/ ٢٠٢٥م

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتعاظم التحديات، لم يعد بناء الوطن مسؤولية الحكومات وحدها، بل أصبح واجبًا مشتركًا يتقاسمه الجميع: المواطن، الشاب، المثقف، العامل، والطفل قبل الكبير. فالوطن ليس مجرد أرض نعيش عليها، بل هو كيان حيّ يتشكل من وعينا، وأفعالنا، وضميرنا الجمعي.

يخطئ من يظن أن حب الوطن مجرد شعار يُرفع في المناسبات أو أغنية تُبث في الأعياد. حب الوطن الحقيقي يتجلى في سلوك يومي بسيط: في احترام النظام، في أداء العمل بإخلاص، في الحفاظ على نظافة الشارع، في الكلمة الصادقة، وفي مواجهة الفساد مهما كان شكله. الوطن لا يُبنى بالهتاف، بل يُبنى بالانتماء الصادق الذي يظهر في الأفعال الصغيرة قبل المشاريع الكبرى. فالطبيب الذي يعالج مريضًا بضمير، والمعلم الذي يُخلص في تدريسه، والشرطي الذي يحفظ النظام بعدل، جميعهم يبنون الوطن أكثر من أي شعار.

علينا أيضًا أن نكون دومًا في صف قيادتنا، ندعم جهودها ونثق برؤيتها، خاصة في الأوقات التي تكثر فيها الإشاعات والمعلومات المغلوطة. فالشائعات ليست مجرد كلمات، بل أدوات هدم خطيرة تزرع الفتنة وتفقد الثقة بين القيادة والمواطن. وإن وحدة الصف، والثقة المتبادلة، هما صمّام الأمان لاستقرار الوطن ونهضته.

قد نهدم أوطاننا دون أن نشعر، حين نمارس السلبية، أو ننشر الإشاعات، أو نُثقل مواقع التواصل بخطاب الكراهية. وقد نكون معاول هدم حين نصمت عن الفساد، أو نبرر التجاوزات، أو نستهين بالقيم والأخلاق. إن أخطر ما يواجه الوطن ليس فقط من يعاديه من الخارج، بل من يخذله من الداخل، بتخاذله، بتقاعسه، أو بتهاونه في المسؤولية.

لكل مواطن دور، مهما كان بسيطًا. فصاحب الحرفة حين يُتقن عمله، يرفع من قيمة الإنتاج الوطني. والطالب حين يجتهد في دراسته، يُعدّ نفسه ليكون لبنة صالحة في المستقبل. والأم حين تربي أبناءها على حب الوطن واحترام القانون، تزرع بذور الاستقرار لعقود قادمة.

نحن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن نكون بُناة لهذا الوطن، أو أن نسمح بانهياره بصمتنا أو بتقاعسنا. وبناء الوطن لا يحتاج إلى معجزة، بل إلى ضمير حي، ونية مخلصة، وعمل يومي دؤوب. فلنبدأ بأنفسنا. ولنكن الجدار الذي يُبنى عليه المستقبل، لا الثغرة التي يتسلل منها الهدم.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024