الحقيقة نيوز – قسم التقارير الإنسانية
"لا أملك سوى حياتي أقدمها"، بهذه العبارة التي قالها لوالده، رسم الشهيد وضاح حسن علي البدوي واحدة من أنصع صور التضحية في ذاكرة الحراك الجنوبي، قبل أن يسقط شهيدًا في مسيرة سلمية في 27 مايو 2009، مرتديًا علم الجنوب على جسده، ومؤمنًا بأن الحرية لا تُمنح، بل تنتزع بالتضحيات.
عاد وضاح من غربته في المملكة العربية السعودية عام 2007م، لينضم إلى صفوف الحراك السلمي الجنوبي، مدفوعًا بإيمان راسخ بعدالة القضية. لم يكن مجرد مشارك في المسيرات والفعاليات، بل كان في مقدمة الصفوف، يرسم العبارات الثورية على الجدران والجبال، ويُلهم الشباب بقناعته الراسخة أن الاستقلال لا يأتي بلا نضال.
فخر ودموع بين الأب والأم
يقول والده، حسن علي البدوي، في حديث مؤثر: "أشعر بالفخر أن يكون ابني من أوائل الشهداء، لقد كان يعرف طريقه جيدًا، وكان يقول: لا يوجد لدي ما أقدمه إلا حياتي". وأضاف أن وضاح كان لا يخشى شيئًا، وكان دائمًا يرد على محاولات ثنيه عن الخروج للمسيرات بالقول: "الخوف لا يبني وطنًا".
أما والدته، فتحدثت من بين الدموع: "لم أكن أتوقع أن أتحمل فراقه، لكنه مضى بشجاعة، وكان مطيعًا، خلوقًا، لم يعصني إلا عندما كنت أطلب منه البقاء وعدم المشاركة. كنت أخاف عليه، ورفضت أن أعطيه مالًا صباح استشهاده... وقلبي يتقطع حتى اليوم لأني شعرت كأني منعت عنه شيئًا في يومه الأخير".
لوحة الوداع.. علم الجنوب وصورة البيض
شقيقه الأكبر، برهان، استعاد اللحظات الأخيرة قبل الاستشهاد، قائلًا: "كان يحمل علم الجنوب في يده اليمنى وصورة الرئيس علي سالم البيض في يده اليسرى. كان مشهدًا يختصر كل القضية".
ولعل أبرز ما خلد ذكرى وضاح في قلوب الجنوبيين، أنه في الليلة السابقة لاستشهاده، خرج مع رفاقه إلى جبال الحمراء في ردفان، حاملين علب الدهان ليكتبوا عبارة "قادمون يا جنوب"، ويرسموا أعلام الجنوب، وكأنها كانت رسالته الأخيرة، تركها على صخور الجبال قبل أن يكتب بدمه سطرًا خالدًا في تاريخ الكفاح الجنوبي.
تنويه: هذه المادة نُشرت لأول مرة في صحيفة الأمناء عام 2011، ويُعاد نشرها اليوم تخليدًا لذكرى أحد رموز النضال السلمي الجنوبي، الشهيد وضاح البدوي، الذي لا تزال روحه تلهم أجيال الجنوب الباحثة عن الحرية والاستقلال.