البنتاجون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

تتوقع وزارة الدفاع الأمريكية حدوث اضطرابات كبيرة بمجرد عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وسط مخاوف من أن ترامب- الذى سيصبح مرة أخرى القائد الأعلى للقوات المسلحة- سيفى بتعهداته بنشر الجيش محليا ضد المواطنين الأمريكيين، ويطالب القادة الرئيسيين فيها بالولاء محاولا تشكيل المؤسسة غير الحزبية لتكون مؤسسة موالية له وبشكل صريح.

وتبعا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، فهذا التخوف يعود إلى فترة ولاية ترامب الأولى عندما حطم المعايير واشتبك بشكل متكرر مع كبار قادة البنتاجون، بما فى ذلك السياسيون المُعينون من جانبه، كما أنه هذه المرة لم يُظهر دليلا على تغير الأمر، فقد صرح طوال حملته عن نيته استخدام القوة العسكرية ضد «العدو من الداخل»، وطرد أى ضابط عسكرى مرتبط بالإجلاء الفوضوى من أفغانستان بعد تركه منصبه عام 2021، وإلغاء قرارات إدارة بايدن الخاصة بإعادة تسمية العديد من القواعد العسكرية التى كانت تحمل اسم قادة جيش الولايات الكونفيدرالية.

وقال ريتشارد كون، أستاذ ومؤرخ عسكرى فى جامعة نورث كارولينا: «إن أعظم خطر يواجهه الجيش فى ظل رئاسة ترامب الثانية هو التآكل السريع للاحترافية، وهو ما يمكن أن يقلل مكانته واحترامه لدى الشعب الأمريكى، مضيفا أن ترامب ليس لديه فهم حقيقى للعلاقة بين المدنيين والعسكريين أو أهمية عدم الانتماء الحزبى أو السياسى للجيش. وأشارت واشنطن بوست إلى ما قالته كارولين ليفات، المتحدثة باسم ترامب، إن الشعب الأمريكى منحه تفويضا بتنفيذ الوعود التى قطعها خلال حملته الانتخابية وسوف يفى بها.

وذكرت الصحيفة أن العديد من كبار الشخصيات فى إدارة ترامب الأولى أصدروا تحذيرات علنية بشأن دوافعه الاستبدادية ومن بينهم وزير دفاعه السابق مارك إسبر، والجنرال المتقاعد مارك ميلى، رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق، ورئيس موظفى البيت الأبيض السابق جون كيلى، وهو أيضا جنرال متقاعد. وفى الوقت الذى لم يقل فيه الجنرال المتقاعد جيم ماتيس، أول وزير دفاع لترامب، الكثير علنا أثناء الانتخابات لكنه كان قد انتقد ترامب فى مقال فى يونيو 2020، واصفا إياه بأنه أول رئيس فى حياتى لا يحاول توحيد الشعب الأمريكى، مضيفا أنه خلال عمله كان يعمل كحاجز ضد دوافع ترامب الأكثر قتامة معربا عن مخاوف جدية من أنه قد ينتهك الدستور بإصدار أوامر غير قانونية للجيش.

وبصفته رئيسا، عمل ترامب على تعزيز ميزانية البنتاجون، وضغط على حلفاء الولايات المتحدة لإنفاق المزيد على دفاعهم، وخفف القيود التى فرضها الرئيس باراك أوباما على ساحة المعركة، وهى الخطوات التى رحبت بها وزارة الدفاع لكن ما اتصفت بها فترة رئاسته من طبيعة متهورة خلقت توترا واضطرابات خاصة عندما تدخل فى القضايا الجنائية لأفراد من القوات الأمريكية والمدانين بارتكاب جرائم حرب، وسعى إلى الانتقام من الجنرالات المتقاعدين الذين انتقدوه، كما دعا وبشكل مفاجئ إلى حظر أعضاء الخدمة المتحولين جنسيا بدون أن يكون لديه خطة واضحة للتنفيذ، وكان هذا الأداء يصيب مسؤولى البنتاجون بالحيرة ويتركهم فى محاولة لمعرفة ما يريده ترامب بالضبط وما إذا كان سيغير رأيه. وبصفته رئيسا، استخدم ترامب وسائل التواصل الاجتماعى الخاصة به والشخصية لبث تحركات القوات الأمريكية الرئيسية فى الخارج، بما فى ذلك الانسحاب من شمال سوريا الذى تسبب فى حالة من الفوضى، وخفض عدد الأفراد فى أفغانستان بينما كان المسؤولون الأمريكيون يتفاوضون مع طالبان على المغادرة. كما عملت إدارة ترامب الأولى على التخلص من موظفى الخدمة المدنية والذين يُشتبه فى تقويضهم لأجندة الرئيس أو الذين تحدثوا عندما ظهر أن توجيهاته غير قانونية، وقال مسؤول فى وزارة الدفاع يوم الأربعاء الماضى إنه فى حين يسعى معظم موظفى البنتاجون والعسكريين إلى تجنب السياسة، فإن بعضهم يشعرون الآن بالخوف بناء على تجاربهم السابقة خلال رئاسة ترامب الأولى والتى اتصفت بالأداء الحزبى، إذ تسببت عملية صنع القرار الفوضوية والتغييرات المفاجئة فى القيادة فى صعوبة قيامهم بوظائفهم.

وقال المسؤول- الذى تحدث مثل بعض الآخرين بشرط عدم الكشف عن هويته- الناس هنا معتادون على التغيرات، لكن الكثير منهم كانوا موجودين أثناء إدارة ترامب الأولى. وبعد أن تم الإعلان عن نتيجة السباق الانتخابى يوم الأربعاء، أصدر وزير الدفاع لويد أوستن مذكرة إلى جميع الموظفين تفيد بأن البنتاجون سوف ينفذ انتقالا هادئا ومنظما ومهنيا إلى إدارة ترامب القادمة.

وكتب أوستن: كما هو الحال دائما، فإن الجيش الأمريكى سيكون مستعدا لتنفيذ الخيارات السياسية لقائده الأعلى القادم، وطاعة جميع الأوامر القانونية من سلسلة القيادة المدنية، مؤكدا أن الجيش يجب أن يستمر فى الابتعاد عن الساحة السياسية.

وعندما سُئلت خلال مؤتمر صحفى عن سبب تحديد أوستن للأوامر القانونية، رفضت المتحدثة باسم البنتاجون سابرينا سينج التعليق على ما سمته افتراضيات. وقالت إنها وصفت المذكرة بأنها تهدف إلى التواصل بوضوح مع توقعات أوستن بأن يظل الجيش غير منحاز سياسيا.

فى يوليو حاول أوستن حماية الموظفين غير الحزبيين من التدخل السياسى فى المستقبل، وفى مذكرة بعنوان نزاهة واستمرارية القوى العاملة المدنية فى مهنة الدفاع، كتب أوستن أن هؤلاء الموظفين يجب أن يتمتعوا بحق الإجراءات القانونية الواجبة ويجب ألا يخضعوا للفصل الفورى.

فى حين يختار الرؤساء القادمون دائما المعينين السياسيين، فإن الرتب العسكرية العليا فى البنتاجون تتم ومنذ فترة طويلة على أساس التناوب الذى يمتد عبر عدة فترات رئاسية، لكن ترامب بصفته سيصبح القائد الأعلى للقوات المسلمة من حقه إقالة أى منهم وتعيين أشخاص أخرى يرى أنهم أكثر ولاء له ولأجندته. وقالت راشيل فان لاندينجهام، محامية سابقة فى القوات الجوية، إن أعظم مخاوفها بشأن الجيش هو استخدامه لقمع المعارضة فى الولايات المتحدة، وفى الوقت الذى يُطلب من أفراد الخدمة اتباع القانون الأمريكى، فإن جميع الأوامر الرئاسية يتم تفسيرها على أنها قانونية، حتى لو بدت كأنها تقع فى منطقة رمادية، مع إمكانية فرض عقوبة تأديبية على أى شخص يتحداها. وقالت: هناك خطر كبير فى عصيان أمر الرئيس، ويبدو أن المخاطر فى طاعته ضئيلة.

وقال بيتر فيفر، الخبير فى العلاقات المدنية العسكرية فى جامعة ديوك، إن معظم العسكريين والموظفين المدنيين المحترفين من المرجح أن يروا مهمتهم فى خدمة الرئيس الجديد وتمكينه من ممارسة سلطاته كقائد أعلى، ودعا بيتر الإدارة الجديدة إلى عدم تهميشهم أو الانتقام منهم إذا قدموا توصيات تتعارض مع رغبات البيت الأبيض وهو ما حدث بشكل متكرر خلال فترة ولاية ترامب الأولى. وقال فيفر: إن واجبهم المهنى هو تحذير الرؤساء من العواقب غير المقصودة لما يحاولون القيام به.. وهو ليس مقاومة أو خيانة لكنها مهام وظيفتهم حرفيا.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024