كان يمكن أن يحصل على «خروج آمن» من غزة مقابل إنهاء الحرب ومنح السكان فرصة حياة وسط الدمار والموت المطبقين جراء جبهة أشعلتها حركته.
يحيى السنوار، زعيم حركة حماس يخرج اليوم «اضطراريا» من حرب غزة، تاركا وراءه قطاعا مدمرا شبيها بخلطة هجينة من مدن أشباح، وسكان أحياء لكن بلا أرواح، ومقابر تعج بجثامين غابت ملامحها وفي أحيان كثيرة تغيب حتى أسماؤها.
يغادر السنوار صامتا خائفا من خطوط الاتصالات ووسائل التواصل الحديثة، ومرعوبا من فكرة تعقبه ورصده أو حتى التجسس عليه، لتطفو جثته من أنفاق لطالما لازمها متنقلا بينها تحت الأرض تحسبا من صواريخ إسرائيل.
واليوم الخميس، أكدت هيئة البث الإسرائيلية مقتل السنوار، وذلك بعد وقت قصير من إعلان الجيش الإسرائيلي أنه يتحقق مما إذا كان قد "قضى" على زعيم حركة حماس.
والسنوار البالغ 62 عاما هو "الرجل الحي الميت" بالنسبة لإسرائيل التي تعتبره هدفا رئيسيا وتتهمه بأنه مهندس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي أشعل شرارة الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر.
«الخروج الآمن»
في سبتمبر/أيلول الماضي قدمت إسرائيل لواشنطن مقترحا جديدا للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين ينص على إطلاق سراح جميع المختطفين دفعة واحدة، وتأمين الخروج الآمن للسنوار، وكل من يريد الخروج معه من قطاع غزة.
وبحسب تقارير إعلامية إسرئيلية نشرت -آنذاك- تضمن المقترح إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ونزع سلاح القطاع وتطبيق آلية إدارة للقطاع وإنهاء الحرب.
وحينها، اعتبر مراقبون أن الخطة الثانوية التي اقترحتها إسرائيل من شأنها اختصار المراحل والسماح بصفقة أسرع في حال رحيل السنوار وإنهاء الحرب، ما يعني أنه كان أمام غزة فرصة لاستعادة الحياة، لكن تلك الفرصة كانت بيدي السنوار، وهو أهدرها.
وبذلك، بدا أن حسابات الحركة ورئيسها أكبر من استيعاب ما يتعرض له السكان من دمار وتهجير وقتل، وأن أي هدنة محتملة ستكون آليا خاضعة لتوازناتها على الأرض ولأهدافها على الورق.
وما يزيد من تعقيد الأوضاع في كل المرة هو «العناد» الذي كان السنوار يعرف به وهو ما كان يقر به حتى المقربين منه،
قال عنه نبيه عوادة، وهو ناشط شيوعي لبناني سابق سُجن معه في عسقلان بين عامي 1991 و1995، إن زعيم حماس "كان يعتبر معاهدة أوسلو هي دمار"، في إشارة لاتفاقات السلام عام 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وأوضح عوادة "كان يقول إن المواجهات هي إللي ممكن تحقق إنجازات وهو أعند من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو. ورأسه مثل الحجر".
وتطارد إسرائيل قادة وعناصر حماس، وأعلنت قتل العديد منهم منذ اندلاع الحرب في غزة، والسنوار هو أبرز هؤلاء المطلوبين، إضافة إلى محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة الفلسطينية