في خضم الصراع المحتدم بين بنكي عدن وصنعاء المركزيين، وخلافاتهما في إدارة القطاع المصرفي في البلاد، أصبح القطاع المصرفي بين فكي كماشة، يتلقى تعليمات من طرف في حين يتلقى نقيضها من طرف أخر، واستمرارا لهذا الصراع المحتدم، فوجئ القطاع المصرفي يوم أمس بقرار صادر عن البنك المركزي في عدن ضد خمسة بنوك عاملة في البلاد، هي بنك التضامن – أكبر البنوك العاملة في اليمن، وبنك اليمن والكويت، وبنك الكريمي للتمويل الإسلامي البنك الأكثر انتشارا، ومصرف البحرين، وبنك الامل للتمويل الأصغر، وذلك لمخالفتها تعليمات البنك المركزي في عدن حسب وصف القرار.
غير أن مصادر متطابقة من البنك المركزي في عدن، أوضحت أن سبب إيقاف التعامل مع هذه البنوك يأتي في اطار الصراع بين مركزي عدن ومركزي صنعاء على إدارة القطاع المصرفي، ففي الوقت الذي أنشأت برعاية البنك المركزي في عدن شبكة مالية موحدة، وأصدر تعليماته لكافة البنوك والصرافين العاملين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بالتعامل فقط معها، وعدم التعامل مع الشبكات المالية الواقعة في صنعاء، أصدر البنك المركزي في صنعاء تعليماته للقطاع المصرفي بعدم التعامل مع الشبكة المالية الموحدة الحديثة، واجبار البنوك والصرافين بقبول الحوالات في الشبكات المالية الواقعة تحت سيطرته، هذا الأمر جعل البنوك بين فكي كماشة كما أسلفنا، حائرة لا تستطيع اتخاذ أي قرار، وفي حالة اتخاذها قرار مجبرة من طرف، أصدر الطرف الأخر قرارات تضر بمصالحها ومصالح المواطنين، وتضرب القطاع المصرفي في مقتل.
إن قرار البنك المركزي في عدن بعدم التعامل مع أكبر البنوك ملائة وانتشارا في البلاد في وقت وصل فيه سعر الصرف إلى أرقام قياسية لم تشهدها اليمن من قبل، يفاقم هذا القرار من أزمة سعر الصرف، ويزيد من معاناة المواطنين، ويفاقم من تدهور الوضع الاقتصادي المتأزم، والانكماش الاقتصادي الناتج عن الأحداث الجارية في البحر الأحمر، أضف إلى ذلك، فإن توقيت القرار في شهر رمضان المبارك، في وقت تنشط فيه الحوالات الخارجية الواردة إلى البلاد، سيضر بشكل كبير بمصالح شريحة واسعة من المواطنين، كما أنه من المعلوم أن حوالات المغتربين تعد أحد أهم مصادر العملة الصعبة التي تساهم بشكل كبير في تعزيز قيمة العلمة المحلية وسعر صرفها امام العملات الأجنبية، الأمر الذي يساعد على استقرار الأسعار في البلاد بما يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
كان الأحرى على البنك المركزي في عدن ترك التجاذبات السياسية والعمل لصالح المواطن، والبحث عن حلول منطقية تراعي الظروف المحيطة، سواء تلك المتعلقة بتدهور العملة المحلية، أو تلك المتعلقة بالأزمة الاقتصادية الحادة الناتجة عن أحداث البحر الأحمر كما أسلفنا، أو تلك المتعلقة بالحاجة الماسة للعملة الصعبة المتدفقة إلى البلاد في هذا الشهر الكريم للاستفادة منها، لذلك يتوجب على المسؤولين في البنك المركزي وفي مقدمتهم الأستاذ أحمد غالب، إعادة النظر في هذا القرار، والتراجع عنه، ومعالجة الموضوع بروية وحكمة كما عهدناه، كون القرار يضر بالاقتصاد ويمس بقوت المواطن ومصالحه.