الشماليون وهواجس اقتحام الجنوب.

بقلم: عصام مريسي


لطالما ظل هاجس الشماليين في اجتياح أرض الجنوب يدندن طموحاتهم الاستيطانية ولم تقف تلك الدندنة عند الطموحات والاحلام بل في كثير من الاوقات والمراحل التاريخية والأزمنة المتفاوتة تحولت تلك الدندنة والاوهام إلى تحركات عسكرية مسبوقة بتدفق سيل بشري يتغلغل في الشارع الجنوبي ليغير كفة الميزان الديمغرافي للتركيبة السكانية لشعب جنوب اليمن.
فقد كانت البدايات لتنفيذ المشاريع العدوانية التي تهدف إلى السيطرة على أرض الجنوب منذ أزمنة ما قبل الميلاد حيث كان الجنوب وبالاخص عدن ثغر البلاد عرضة للغزو والرغبة في السيطرة عليها استفادة من موقعها الجغرافي وبداية الانتشار الاستيطاني في سائر الارض الجنوبية لكن طالما ما يسقط ذلك الهاجس تحت أقدام الدفاعات الجنوبية التي تستميت في الدفاع عن حياض الوطن الجنوبي وعاصمته الابدية و ثغره عدن.

‌وفي العصر الراهن ومع نهاية القرن الماضي تعرض جنوب اليمن لوعكة سياسية بعد أحداث الثالث عشر من يناير عام١٩٨٦بعد خلافات رفاق الكفاح وانقسامهم فريقين زمرة وطغمة وخروج الزمرة الى أرض الشمال فاره بعد خسارتها ففتح نظام الشمال ذراعيه للفريق المهزوم ليس حبا ولكن للاستفادة منه في مراحل لاحقة وظل يعزز من الخلاف ويلعب على الجانبين خاصة وأن السلطة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قد وسدت بعد انتكاسة يناير إلى قيادة قليلة الخبرة فلم يكن علي سالم البيض الشخصية القيادية المحنكة التي تستطيع الخروج بالبلاد من الازمة نحو الانتصار وبنفسيته المضطربة سريعة الانفعال قاد أرض الجنوب نحو الانهيار بقرار انفرادي نحو وحدة منتقصة فكان نظام الشمال يتحين الفرصة ويعد العدة لامتلاك أرض الجنوب في ظل ضعف النظام القائم على إدارته فسلمت مفاتيح البلاد على طبق من ذهب لنظام الشمال الذي لم يفوت الفرصة فراح يفكك كل قوة الجيش الجنوبي ويمزق لحمته يقطع أوصاله في أرض الشمال ويشتري من يستطيع من القادة إضافة الى الوحدات العسكرية التي قد اشترى ولائها بعد انكسارها في أحداث يناير ١٩٨٦م فمكن من تواجدها ومنحها المناصب والرتب وهو يعدها لليوم الموعود الذي يجتاح فيه أرض الجنوب فتكون العضد والساعد والعون في موكب الزحف فكان ١٩٩٤م الوعد لزحف الشماليين بعد القرار الانفعالي الثاني لعلي سالم البيض وبعد أن اصبح لحزب الاصلاح صولات وجوالات في أرض الجنوب وبعد ان تفرخ له أفراخ من الجنوبيين الذين غسلت أدمغتهم بايدلوجية الاخوان المسلمين مستغلين مساوئ الايدلوجية الاشتراكية في الدين التي حاولت التنصل عن العقيدة الاسلامية والقفز عن القيم الدينية ما رفضه الانسان الجنوبي المتدين بسليقته .

ومن لم يستطع شراء ذممهم من القادة تخلص منهم بالاغتيلات فقد شهد الشرفاء الجنوبيين مسلسل من الاغتيالات والتصفية الجسدية والحرمان النفسي و التعسف المادي والحرمان الوظيفي وتهميش الحقوق بعد اجتياح ١٩٩٤م لكن سرعان ما هب المارد الجنوبي بعد التخاذل الاقليمي والدولي في مطالبة حقوقية انتهت بمطالبة بعودة السيادة لارض الجنوب وفي ظل تلك المطالبة والثورات الحقوقية والحركات السياسية لفصائل من الشعب وفئات من الموظفين المدنيين والعسكريين يعاود الشماليون في ممارسة غرائزهم في الاجتياح فيتقدم الجيش الشمالي بقيادة النظام الشيعي الجديد الذي استولى على دفة الحكم بعد سقوط النظام الزيدي بعد الثورة الغائرة المسماة بثورة الربيع التي تسلق من خلالها النظام الملكي البائد ليعاود الهيمنة على السلطة في الشمال بإيعاز من حليفه المتهاوي يحاول النظام الجديد ممارسة رغبته في اجتياح الجنوب مرة اخرى لكن سرعان ما تصدى له المارد الجنوبي بعنفوان واوقف تلك الجحافل المعتدية ورد ذلك السيل البشري الشمالي المتجه نحو الجنوب ورده خائبا من حيث اتى.

فغالبا كل هواجس الشماليين في الاجتياح تتحطم على صخرة الدفاع الجنوبي.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024