( الحقيقة نيوز ) بقلم / فضل القطيبي
في خضمّ التعقيدات السياسية والعسكرية التي تعيشها الساحة اليمنية، جاءت التصريحات الأخيرة للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، محمّلة برسائل طمأنة واضحة للشارع الجنوبي، ورسائل سياسية دقيقة للشركاء في الشمال وللقوى الإقليمية والدولية، مؤكدةً أن الجنوب بات أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة.
الزُبيدي، وفي حديثه، أشار إلى أن ما قدمه الشعب الجنوبي من تضحيات جسيمة لن يذهب سدى، وأن المرحلة القادمة تحمل بشائر التقدم نحو الأهداف التي ناضل من أجلها الجنوبيون، وفي مقدمتها استعادة دولتهم وهويتهم السياسية. هذه الرسائل عكست ثقة بالمسار السياسي والعسكري للجنوب، وأكدت أن القيادة الجنوبية ماضية بثبات نحو بلوغ مرحلة الحسم، في ظل واقع متغير يفرض وضوحاً في الرؤية والمواقف.
في المقابل، لم تغب عن خطاب الزُبيدي رسائل الطمأنة للشارع الشمالي وللشركاء في السلطة، إذ أكد التزام الجنوب بمسؤولياته الوطنية والأخلاقية في إطار المعركة المشتركة ضد المليشيا الحوثية (أنصار الله)، باعتبار أن خطر هذه الجماعة لا يستهدف الجنوب فحسب، بل يهدد مستقبل اليمن والمنطقة بأسرها. الجنوب – كما عبّر الزُبيدي – لا يزال على العهد، حاضراً في ميادين القتال، ومدافعاً عن القضية الوطنية الكبرى، لكن هذا الحضور مشروط بمدى توفر الجدية لدى الأطراف الأخرى في خوض هذه المعركة حتى نهايتها.
وفي هذا السياق، شدد الزُبيدي بوضوح على أن هذه المعركة لن تظل مفتوحة إلى الأبد، وأن الشعب الجنوبي لن ينتظر طويلاً في حال استمر غياب الجدية المطلوبة من الشركاء. وهي رسالة تحمل تحذيراً سياسياً واضحاً، مفاده أن الجنوب لن يقبل أن يُستنزف في معركة لا يلمس فيها جدية أو وضوحاً في الرؤية لدى الأطراف الأخرى، وأن استمراره في خوض الحرب ضد المشروع الحوثي يجب أن يقابله موقف وطني صادق من كافة القوى المعنية.
تصريحات الزُبيدي تعكس تحولاً في لهجة الخطاب الجنوبي، من موقع التابع إلى موقع الشريك الند، وتؤكد أن الجنوب مستعد للقيام بدوره كاملاً في حماية ما تبقى من الدولة، لكنه في المقابل لن يساوم على قضيته، ولن يسمح بأن يُختزل حضوره العسكري والسياسي في أدوار هامشية أو رهانات عبثية. لقد حملت هذه التصريحات مزيجاً من الطمأنينة والثبات، مع رسالة حازمة: الجنوب قوة لا يمكن تجاوزها، وشعبه لن ينتظر كثيراً في ظل التردد والضبابية.