( الحقيقة نيوز ) بقلم - فضل القطيبي
بحكمة وحنكة سياسية، وبخطوات مدروسة تعكس وعيًا عميقًا بحساسية المرحلة، اتخذت القيادات الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي موقفًا حازمًا يتمثل في مراجعة وإلغاء القرارات التي أصدرها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي منذ تشكيل المجلس، والتي جاءت في معظمها متعارضة مع مبدأ الشراكة والقيادة الجماعية.
هذه الخطوة ليست مجرد إجراء إداري، بل هي ضربة سياسية قاصمة للشركاء الشماليين الذين حاولوا استغلال موقعهم في المجلس لفرض واقع أحادي الجانب بعيدًا عن روح الشراكة التي نص عليها القرار رقم (9) لعام 2022م بشأن نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
فقد أثبتت التجربة خلال السنوات الماضية أن إصرار بعض الأطراف على التفرد بالقرار وإدارة المجلس بعقلية الوصاية، أدى إلى إضعاف الأداء العام وتعطيل ملفات مصيرية مرتبطة بمعيشة المواطن وأمنه واستقراره.
من خلال هذه الخطوة، يعيد الرئيس الزُبيدي الاعتبار لمبدأ الشراكة الوطنية، ويؤكد أن الجنوب ليس مجرد شريك صوري، بل طرف أساسي وفاعل، قادر على حماية مصالحه وصون حقوق شعبه ومواجهة أي محاولات لتهميشه أو تجاوزه.
كما أن مراجعة هذه القرارات تمثل رسالة واضحة بأن زمن الانفراد والتسيد قد انتهى، وأن القرارات المصيرية لن تمر إلا بتوافق كافة مكونات المجلس، بما يضمن التوازن والعدالة في إدارة المرحلة الانتقالية.
وجاء هذا الموقف في توقيت بالغ الأهمية، حيث تتزايد التحديات الداخلية والخارجية، ويحتاج المجلس إلى تماسك حقيقي يترجم إلى قرارات جماعية ومسؤولة. وبذلك يكون الجنوب قد وضع حدًا لمحاولات العبث، وأعاد تصحيح مسار المجلس بما يخدم الاستقرار السياسي والعسكري والاقتصادي.
إن قرار مراجعة وإلغاء القرارات الأحادية لرشاد العليمي يؤسس لمرحلة جديدة قوامها الشراكة والتوازن، ويؤكد أن الجنوب ماضٍ بثقة في حماية قضيته الوطنية وفرض احترام إرادته على طاولة الشراكة.