قال تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن كوريا الشمالية تمتلك قاعدة عسكرية محصنة وسرية يرجح أنها تضم أحدث صواريخها الباليستية بعيدة المدى، القادرة على الوصول إلى البر الأمريكي.
وكشف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، ما يعتقد أنه قاعدة صاروخية سرية قرب قرية "سينبونغ-دونغ"، على بعد نحو 17 ميلا من الحدود الصينية.
ووفقا للمركز، بدأ بناء القاعدة عام 2004 وأصبحت جاهزة للعمل بعد عقد تقريبا، لكنها ظلت غير معلنة حتى وقت قريب. واستخدم الباحثون مقابلات مع مصادر مطلعة، ووثائق رفعت عنها السرية، وصور أقمار صناعية، ومعلومات مفتوحة المصدر لتحديد الموقع.
وتعد "سينبونغ-دونغ" واحدة من بين 15 إلى 20 قاعدة ومنشأة دعم غير معلنة للصواريخ الباليستية في كوريا الشمالية، بحسب المركز الذي نشر تقارير عن تسعة من هذه المواقع. وأشار إلى أن الصواريخ المخزنة في العديد من هذه القواعد، بما فيها "سينبونغ-دونغ"، قادرة على حمل رؤوس نووية.
وقالت جينيفر جون، المشاركة في إعداد التقرير، إن بيونغ يانغ بذلت جهودا كبيرة لإخفاء الموقع، ووصفت القاعدة بأنها الأصعب في الكشف حتى الآن.
وما يميز هذه القاعدة عن غيرها هو غياب منصات الإطلاق أو أنظمة الدفاع الجوي في محيطها، ما يشير إلى أنها مصممة لاستيعاب صواريخ باليستية عابرة للقارات (ICBMs) متنقلة تعمل بالوقود الصلب. وهذه الصواريخ، التي تطلق من شاحنات ضخمة متحركة، تمثل تهديدا خطيرا لمدن بعيدة مثل واشنطن أو نيويورك، إذ يمكن إبقاؤها جاهزة ومخفية، وتُطلق بسرعة دون وقت كافٍ لاعتراضها.
وقال فيكتور دي. تشا، وهو أحد المشاركين في التقرير ومسؤول سابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي: "الأمر مقلق للغاية، فكوريا الشمالية لا تحتاج إلى وقت طويل لإطلاق هذه الصواريخ، ما يجعل استهدافها قبل الإطلاق أمراً بالغ الصعوبة".
وأكد المركز أن أعمال البناء لا تزال جارية لتعزيز منشآت القاعدة، التي تعادل مساحتها حجم مطار جون إف. كينيدي في نيويورك، وتبدو قادرة على استيعاب ما بين ستة وتسعة صواريخ عابرة للقارات، إضافة إلى مركبات الإطلاق اللازمة وآلاف الجنود لإدارة العمليات.
وأوضح التقرير أن الرؤوس النووية لا تخزن عادة مع الصواريخ داخل القواعد، لتقليل حجم الخسائر في حال تعرض الموقع لهجوم. ويتم تثبيتها في مواقع خارجية محددة مسبقاً يمكن الوصول إليها خلال نصف ساعة تقريباً.
ووفق تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تمتلك كوريا الشمالية نحو 50 رأساً نووياً، إضافة إلى ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج ما يصل إلى 40 رأساً آخر.
كما ازداد إصرار بيونغ يانغ على بناء شبكة قواعد صاروخية تحت الأرض بعد الضربات الأمريكية في يونيو الماضي لثلاثة مواقع نووية في إيران، يعتقد أن كوريا الشمالية ساعدت في بنائها قبل عقود. ويصف الزعيم كيم جونغ أون برنامج بلاده النووي بأنه "السيف الثمين" الذي يردع الهجمات ويحمي استقلال البلاد.
وفي الوقت ذاته، منحت الحرب في أوكرانيا النظام الكوري خبرة عملية مهمة، بعدما استخدمت روسيا أسلحة كورية شمالية قصيرة المدى تعمل بالوقود الصلب في المعارك.
ومنذ انهيار المحادثات بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وكيم في عام 2019، استأنفت بيونغ يانغ تجاربها الصاروخية وألغت التجميد الذاتي على تجارب الأسلحة البعيدة المدى. كما كشفت عن صواريخ أكثر تطورا بمديات أطول وقدرات على حمل عدة رؤوس نووية، وأبدت رفضا واضحا للعودة إلى محادثات نزع السلاح النووي.
وفي كلمة الاثنين الماضي، دعا كيم، البالغ من العمر 41 عاماً، إلى "توسع سريع" في الترسانة النووية، منتقداً المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية التي انطلقت في اليوم ذاته.
كما عزز النظام الكوري الشمالي انتشاره من الأسلحة قصيرة المدى قرب الحدود مع كوريا الجنوبية وفي مدى اليابان، بينما يواصل تخزين الصواريخ البعيدة المدى شمال غرب البلاد قرب الحدود الصينية.
وقال تشا إن موقع "سينبونغ-دونغ" ليس صدفة، بل اختيار متعمد، موضحا: "كوريا الشمالية تضع هذه القواعد قرب الحدود الصينية لتجعل من الصعب على الولايات المتحدة التفكير في استهدافها