الوطنية امتحان يومي لا يجتازه إلا الأوفياء ، وشعور ينمو في القلب ويترسخ في الفعل.

الحقيقة نيوز - بقلم / فضل القطيبي 
الخميس الموافق  ٣/ ٧/ ٢٠٢٥م

في زحمة الأحداث وتقلبات الأوطان، تظل الوطنية واحدة من أسمى المشاعر التي تسكن القلوب، وتنمو مع الأيام، وتشتد مع اشتداد الأزمات. 

إنها ليست شعارًا يُرفع، ولا كلمة تُقال، بل شعور متجذر في النفس، يتجلى حين تشتد الأوجاع، وتتعاظم المصائب، ويُختبر الولاء الحقيقي للوطن.

ان الوطنية لا تولد من فراغ، بل تُبنى بالتجربة، وتتغذى على المواقف، وتُثبتها المحن، كلما اشتد جراح الوطن، وكلما اتسعت دوائر المعاناة، كبر في قلوب الأوفياء لهب الانتماء، وارتفع صوتهم دفاعًا عن الأرض، والعرض، والكرامة.

في أوقات الرخاء قد يختلط الأمر على البعض، فتبدو الوطنية مجرد انتماء شكلي، أو مشاركة سطحية في الاحتفالات، لكن حين تحين ساعة الشدة، يُفرز الصف، ويظهر الصادق من المتلون، والثابت من المتقلب، والمخلص من المتسلق.

الوطن لا يحتاج لمزايدين، بل لمخلصين يحملونه في أرواحهم، لا على ألسنتهم فقط. الوطنية الحقيقية تُقاس بالمواقف، بالتضحيات، بالثبات عند المنعطفات الخطيرة، وبالوقوف في الصفوف الأولى حين يحتاج الوطن لأبنائه.

ولأننا نمر بمرحلة مفصلية، تختلط فيها المفاهيم، ويُغتال فيها الوعي، فإن من الضروري أن نستدعي معاني الوطنية الحقة، لا تلك المزيفة التي تُستخدم كوسيلة للوصول إلى مكاسب أو تبرير خيانات.

إن كل قطرة دم سالت دفاعًا عن الأرض، وكل قلم حر كتب من أجل الحقيقة، وكل موقف شريف وقف في وجه الظلم، هو صورة صادقة للوطنية التي نحتاج إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ولذلك، فلنراجع أنفسنا: ماذا قدمنا لوطننا؟ هل كنا عند مستوى الأمانة؟ وهل كانت مواقفنا نابعة من حب حقيقي لهذا الوطن، أم من مصالح ضيقة سرعان ما تتبدد؟

الوطن لا يحتاج لأصوات مرتفعة، بل لقلوب مخلصة وسواعد تبني، وأرواح تفديه عند اللزوم.

فالوطنية ليست موسمًا، بل التزام دائم ومسؤولية لا تسقط مهما كانت الظروف.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024