الحقيقة نيوز - فضل القطيبي
الأربعاء الموافق ١٤/ ٥/ ٢٠٢٥م
في لحظة حساسة من التحولات الدولية المتسارعة، جاءت زيارة الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية لتؤكد مجدداً على عمق الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، وتعكس إدراكاً أمريكياً متجدداً لحجم التأثير الذي باتت تمثله المملكة على مختلف المستويات، عربياً وإقليمياً ودولياً.
الزيارة لم تكن بروتوكولية، بل حملت في طياتها رسائل سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الدلالة، خصوصاً في ظل التحديات التي يشهدها العالم، سواء في ملف الطاقة أو الأمن الدولي أو إعادة تشكيل التحالفات.
ففي الوقت الذي يشهد فيه سوق النفط العالمي اضطرابات متزايدة، نتيجة النزاعات الإقليمية وتوتر العلاقات بين القوى الكبرى، تبرز المملكة العربية السعودية كقوة طاقة لا غنى عنها. باعتبارها أكبر مصدر للنفط وعضواً قيادياً في منظمة أوبك+، تسهم السعودية بشكل مباشر في استقرار السوق العالمي، وتلعب دوراً حيوياً في ضبط أسعار الطاقة بما يخدم الاقتصاد الدولي، وهي النقطة التي حضرت بقوة في جدول الزيارة.
على الصعيد الأمني، شكلت ملفات المنطقة بنداً رئيسياً في محادثات الجانبين، خصوصاً الملف الإيراني، والوضع في اليمن، وجهود مكافحة الإرهاب. إذ تعي الولايات المتحدة تماماً أن السعودية ليست مجرد حليف، بل شريك استراتيجي في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة شديدة الحساسية والتعقيد. كما أن للمملكة دوراً محورياً في مساعي التهدئة الإقليمية، وقيادة جهود الحوار بين القوى المتصارعة، وهو ما تجسد في تحركاتها الأخيرة الداعية إلى خفض التوتر وتعزيز التعاون.
أما في بعدها السياسي والدبلوماسي، فقد رسّخت الزيارة مكانة المملكة كقوة توازن في الشرق الأوسط، ونقطة التقاء للسياسات الدولية. لم تعد السعودية تكتفي بدورها التقليدي، بل أصبحت فاعلاً دولياً رئيسياً، بفضل سياساتها المتزنة ومبادراتها العالمية في قضايا المناخ والتنمية، ورؤيتها المستقبلية الطموحة "رؤية 2030"، التي أعادت صياغة أولويات الداخل وموقع المملكة على الخارطة الدولية.
بالمجمل، أكدت الزيارة أن السعودية اليوم ليست مجرد شريك في السياسة الأمريكية، بل باتت حجر زاوية في استراتيجيات واشنطن تجاه المنطقة، وصوتاً عربياً مؤثراً في المعادلات العالمية. وبينما يعاد رسم خريطة النفوذ والتأثير في العالم، تواصل المملكة تموضعها بثبات كقوة عربية رائدة، وصانع قرار في التوازنات الدولية الكبرى.