ماذا وراء وجود حاملتي طائرات معاً في الترسانه الأمريكية بالبحر الأحمر .؟

يرى مراقبون سياسيون يمنيون ، أن إنضمام حاملة الطائرات الأمريكية “ فينسون ” ، إلى جانب حاملة الطائرات ” ترومان ” ضمن نطاق الترسانة العسكرية للولايات المتحدة في البحر الأحمر ، يحمل العديد من الدلالات والرسائل التي تسعى واشنطن إلى توصيلها من خلال هذا التعزيز العسكري والتواجد الحربي ، نادر الحدوث ..

من النادر أن تجمع الولايات المتحدة بين حاملتي طائرات ، في منطقة واحدة من مناطق تواجدها العسكري ، المتوزع على نقاط متعددة في مختلف أنحاء العالم ، في آن واحد ، إذ جرت العادة على الإحلال والإستبدال واحدة مكان أخرى ، بعد قضاء المهمة الموكلة إلى الحاملة والمزمنة خلال فترة محددة ، تعاود أدراجها إلى قواعدها في الحدود الأمريكية ، ومجيء أخرى مكانها ..

تقول الخبيرة في الشؤون العسكرية والأمنية الأمريكية في منطقة الخليج العربي والعراق وسوريا إليزابيث دينت : “ يبدو أن الإنتشار الحالي الذي قررته إدارة ترامب ، مرتبط بشكل مباشر بالحملة المتجددة ضد ميليشيا الحوثي ، وتحذيرات الرئيس الموجهة لإيران ” ..

وأضافت دينت ، في مقال تحليلي لها أورده الموقع الإلكتروني الخاص بـ ” معهد واشنطن ” : “ قد يشير ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية تستعد لعمليات جوية مكثفة وحاسمة ضد الحوثيين أو تضع خططاً إحترازية تحسباً لتصاعد التوترات مع إيران ” ..

وٱستعرضت دينت ، جانباً من أبرز خصائص الحاملتين وما تشكله من قدرات عسكرية حال إجتماعهما معاً : “ تضم كل من مجموعتي ( ترومان ) و ( فينسون ) الضاربة حاملة طائرات رئيسية ، وجناحاً جوياً مزوداً بعدة أسراب ، وسرباً من المدمرات ، وطراداً للصواريخ الموجهة ” ..

مضيفةً : “ ستوفر المجموعتان معاً قدرات عسكرية هائلة لمواصلة العمليات ضد الحوثيين وردع إيران ، بما في ذلك القوة النارية للضربات بعيدة وقصيرة المدى ، والإستخبارات والمراقبة ، وأنظمة الدفاع ضد الهجمات الجوية والبحرية وتحت سطح البحر ” ..

ولفتت إلى أن : “ هذه القوة النارية الإضافية ، تكتسب أهمية خاصة ، إذ تدخل الولايات المتحدة الأسبوع الثالث مما وصفه المسؤولون بأنه حملة لا هوادة فيها ستستمر حتى يتعهد الحوثيون بوقف هجماتهم على سفننا وعدم تعريض حياة الأمريكيين للخطر ” ..

وذهبت التحليلات العسكرية والقراءات السياسية المتداولة في اليمن نحو التركيز على الرسائل التي تود واشنطن إرسالها من خلال وجود كلا الحاملتين معاً ، والتي من وجهة نظرهم لا تقتصر على الصعيد العسكري فقط ، بل والسياسي كذلك ، لا تستهدف الحوثي وحده ، بل تشكيل ورقة ضغط على طهران ، والتكشير عن أنيابها من خلال إظهار ٱستعدادها وكامل جاهزيتها لتنفيذ عملية عسكرية أوسع وأشمل ، وأكثر تركيزاً ..


يرى رئيس مركز “ نشوان الحميري ” للدراسات والإعلام عادل الأحمدي ، في وصول حاملة طائرات أمريكية أخرى إلى جانب الحاملة السابقة ، بأنها : “ رسالة واضحة ، تُشير إلى أن عزم ترامب في كسر قدرات الحوثيين العسكرية وتأمين الملاحة الدولية من شرورهم ، عزم صلب ” ..

وأضاف الأحمدي ، في حديثه لـ ” إرم نيوز ” : “ وبأنه ماضِ قُدماً بصرف النظر عما سوف تسفر عنه مباحثات مسقط غير المباشرة بين واشنطن وطهران ” ..

ولفت الأحمدي  ، إلى أن “ الحوثيين تلقوا كميات كبيرة من السلاح التي  وصلتهم من إيران وغيرها ” ، معتقداً بأن : “ تدمير قوتهم العسكرية ، ربما بحاجة إلى حاملة الطائرات ( فينسون ) إلى جانب ( ترومان ) ” ..

ونوه الأحمدي في ختام حديثه إلى أنه : “ يلزم التأكيد على أن الحوثي جلب لنفسه الدمار بيده ، وأن معركة اليمنيين في إستعادة العاصمة صنعاء من قبضة الحوثي ماضية ، وهزيمة الحوثي حتمية بصرف النظر عن ٱستمرار أو توقف الضربات الأمريكية ، تلك النابعة من أهداف تخص مصالح الولايات المتحدة والملاحة الدولية ” ..


وبدوره ٱستهّل مدير مركز “ South 24 ” للأخبار والدراسات يعقوب السفياني ، حديثه بقوله : “ وصول ثاني حاملة طائرات أمريكية إلى المنطقة ، يحمل في طياته العديد من الدلالات ، لا سيما وأنه في العادة والوضع الطبيعي ، تُبقي الولايات المتحدة على حاملة طائرات واحدة فقط في المنطقة ولفترة معينة ومن ثم تقوم بإعادتها إلى قاعدتها ، وتأتي عوضاً عنها بحاملة طائرات أخرى ” ..

وأضاف السفياني : “ لكن وجود حاملتي طائرات في الوقت ذاته ، أعتقد أنه إنعكاس أو ترجمة لسياسة السلام عبر القوة ، وهو الشعار الذي رفعته إدارة ترامب منذ وصولها إلى البيت الأبيض ، مما يعني ذلك أن الولايات المتحدة ترى في حضورها العسكري المتزايد وقوتها النارية الكبيرة في المنطقة وسيلة للضغط السياسي والدبلوماسي ” ..


وأشار السفياني ، خلال حديثه لـ ” إرم نيوز ” ، إلى أن “ مواجهة تهديدات إيران وأذرعها الموالية لها في المنطقة ، بهذه الكيفية ، هو التطبيق العملي لمقولة وزير الخارجية الأمريكي السابق سنجر ، عندما وصف حاملات الطائرات بأنها ( 100 ألف طن ) من الدبلوماسية تسير في المحيطات ” ..


ويرى السفياني ، بأن : “ وجود هذه القوة النارية الكبيرة ، والمتمثل في حاملتي الطائرات ، أكبر ما توصل إليه الإنسان في المجال العسكري والتي تُعد بمثابة قواعد متحركة على البحر ، المراد من خلاله توجيه رسائل عديدة من قبل واشنطن ، أبرز تلك الرسائل التأكيد على نفوذها في المنطقة ، من خلال تعزيز حضورها العسكري الضخم ، والتأكيد على تغيير ٱستراتيجيتها نحو الخيارات المفتوحة ، بما في ذلك الخيارات العسكرية لحماية مصالحها وحماية مصالح حلفائها في المنطقة ” ..


وتابع : “ وهي أيضاً جزء من الضغط الموجود على ايران ، وهذا الضغط متعدد في المسارات من الضغط السياسي والدبلوماسي ، إلى جانب الضغط الإقتصادي ، حتى الضغط العسكري والمتمثل بالضربات ضد الحوثيين ، بالإضافة إلى التلويح بإستخدام القوة العسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية ” ..

وبدأت القيادة المركزية الأمريكية ، تنشر عبر حسابها على منصة “ إكس ” جانباً من العمل العسكري الذي تقدمه حاملة الطائرات التي أنضمت مؤخراً إلى أسطولها الحربي البحري ، فبعد الفيديو الذي نشرته الخميس إيذاناً بدخولها إلى الخدمة في منطقة عملياتها ، بثت قبل عدة ساعات فيديو آخر ..


وعلقت عليه ، بقولها : “ حاملة الطائرات الأمريكية يو أس أس كارل ڤينسون ( CVN 70 ) التي تحمل الشعار “ Vis Per Mare ” ، ويعني “ القوة من البحر ” في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية ” .

حاملة الطائرات (فينسون)
وتعد حاملة الطائرات الأمريكية “ يو إس إس كارل فينسون ” ، وفق المعلومات المتداولة عنها ، واحدة من أبرز حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية ، وتحمل الرقم ( CVN-70 ) كرقم معرف عنها ، وقد دخلت إلى الخدمة العسكرية الأمريكية في العام 1982 م ،

وتتميز بأنها تعمل بالطاقة النووية طراز نيميتز ( Nimitz-class ) وتعمل بمحركين نووين ، مما يُتيح لها ذلك الإبحار لعقود دون الحاجة للتزود بالوقود ..
ويتكون طاقمها من حوالي 3 آلاف بحار ، بالإضافة إلى حوالي ألفي فرد ضمن الجناح الجوي ، وتخوّل لها مساحتها الشاسعة حمل أكثر من 60 طائرة ، تشمل مقاتلات ( F/A-18 Super Hornet ) ، وطائرات الإنذار المبكر ، وطائرات الدعم ..

في هذا الصدد ، لفت المحلل العسكري والخبير الإستراتيجي العميد الركن محمد الكميم ، في منشور له عبر حسابه على منصة “ إكس ” ، إلى أن : “ حاملة الطائرات ( فينسون ) إلى جانب أنها تضم مقاتلات ( إف-35 سي ) الشبحية ، تضم كذلك طائرة الإنذار المبكر والتحكم المحمول جواً ( E-2D اواكس ) ، وهي غرفة عمليات وقيادة وسيطرة محمولة على الجو ، وتؤدي أدواراً كبيرة خدمةً للمعركة الجوية مرتبطة بالأقمار الصناعية ” ..

وتكشف المعلومات المتداولة على الإنترنت ، بأن : “ نظام الإنذار المبكر والتحكم المحمول ، هو نظام رادار محمول جواً ، يهدف إلى الكشف عن الطائرات والسفن والمركبات على مسافات بعيدة والسيطرة والقيادة في ساحة المعركة وفي الإشتباكات الجوية عن طريق توجيه المقاتلات وطائرات الهجوم الضاربة ” ..

كما تُستخدم أيضاً لتنفيذ المراقبة ، بما في ذلك أكثر الأهداف الأرضية ، وكثيراً ما تؤدي وظائف مماثلة إلى وحدة تحكم حركة مطار ، حيث تُعطى الأوامر العسكرية على القوى الأخرى ، كما تستخدم في إرتفاعات عالية ، بالإضافة لإحتوائها على رادارات تسمح للمشغلين التمييز بين مئات الطائرات الصديقة والمعادية من على بعد أميال ..

ومن أبرز المهام التي نفذتها حاملة الطائرات “ فينسون ” ، المشاركة ضمن القوات العسكرية الأمريكية في حربها على العراق وأفغانستان ، كما قامت بنقل جثمان أسامة بن لادن إلى البحر بعد مقتله عام 2011 م ..

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024