تقرير خاص: التنسيق الخفي بين تنظيم القاعدة والحوثيين في اليمن وأثره على الجنوب.

إعداد: الحقيقة نيوز - فضل القطيبي
الاثنين الموافق ٧/ ٤/ ٢٠٣٥م

شهدت اليمن في الآونة الأخيرة تحركات غير مألوفة في العديد من المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث كانت العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة تتسارع بشكل لافت. في الوقت ذاته، لوحظ غياب أي عمليات مماثلة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي شمالاً. هذا الوضع يطرح تساؤلات مشروعة حول وجود تنسيق غير معلن بين التنظيمات الإرهابية والحوثيين، وكيف يمكن أن يكون هذا التنسيق جزءًا من استراتيجية مشتركة لإرباك الوضع في الجنوب.

أولاً: تحركات تنظيم القاعدة في الجنوب

في الأشهر الأخيرة، نفّذ تنظيم القاعدة سلسلة من الهجمات الإرهابية في محافظات الجنوب، وخاصة في أبين، شبوة، الضالع، وعدن، مستهدفًا المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته الأمنية. العمليات التي استهدفت نقاط التفتيش العسكرية، مقار الأمن، والأفراد العسكريين أثارت الكثير من التساؤلات، خصوصًا مع الأسلوب المنظم الذي تبنته هذه العمليات.

ورغم أن تنظيم القاعدة معروف بعملياته في مناطق مختلفة من اليمن، إلا أن استهدافه المتكرر لمناطق تابعة للانتقالي يُظهر تركيزًا خاصًا على إرباك وتفكيك السلطة المحلية التي يديرها المجلس الانتقالي الجنوبي.

ثانيًا: لماذا غابت القاعدة عن الشمال؟

من المفارقات الملحوظة في الصراع اليمني، أن تنظيم القاعدة قد أوقف عملياته تمامًا في مناطق سيطرة الحوثيين، وهي البيضاء، صنعاء، عمران، ذمار وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها الجماعة. تاريخيًا، كانت القاعدة تعتبر الحوثيين عدوًا عقائديًا، ولذلك فإن غياب أي تصعيد من قبلها ضد الحوثيين يُعدّ مسألة غريبة.

هذا الهدوء يثير تساؤلات حول التنسيق غير المباشر بين التنظيمين، خاصة في ظل فترات التبادل المستمر للأسرى بين الطرفين، وتداول المعلومات حول ممرات آمنة يمر بها عناصر القاعدة في المناطق الخاضعة للحوثيين. من الواضح أن القاعدة تتجنب المواجهات المباشرة مع الحوثيين، وهو ما يعزز الفرضية القائلة بوجود تفاهمات تكتيكية بين الطرفين.

ثالثًا: استهداف المجلس الانتقالي الجنوبي

المجلس الانتقالي الجنوبي هو القوة المهيمنة في العديد من المحافظات الجنوبية، ويُعد أحد الأهداف الرئيسية التي يسعى الحوثيون وتنظيم القاعدة إلى ضربها. لا شك أن الانتقالي يسعى إلى استقرار الجنوب وتحقيق استقلاله، وهو ما يتعارض مع مصالح الحوثيين الذين يرغبون في السيطرة على جميع المناطق اليمنية، بالإضافة إلى أن القاعدة تعمل على إجهاض أي مشروع يحاول بناء مؤسسات دولة حقيقية.

المجلس الانتقالي الجنوبي كان في الخطوط الأمامية في مواجهة تنظيم القاعدة وداعش. من خلال قوات الحزام الأمني وألوية الدعم والإسناد، نجح الانتقالي في تطهير العديد من المناطق الجنوبية من خلايا القاعدة. لكن مع ذلك، ظل المجلس في مرمى الاستهداف من قبل الجماعتين.

تستهدف الجماعتان، القاعدة والحوثيون، القوات التابعة للمجلس الانتقالي بشكل متواصل؛ لأن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي هي الخط الدفاعي الأول ضد التمدد الإرهابي في الجنوب، وكذلك ضد محاولات الحوثيين لزعزعة استقرار المنطقة.

رابعًا: التنسيق بين الحوثيين وتنظيم القاعدة

1. تبادل الأسرى والتسهيلات اللوجستية: تعد عمليات تبادل الأسرى بين القاعدة والحوثيين دليلاً على وجود تفاهمات غير معلنة. على الرغم من الخلافات العقائدية بين الجانبين، فإنهما يشتركان في مصلحة مشتركة تتمثل في إضعاف الدولة اليمنية وإفشال مشاريع التحالف العربي.


2. التسهيلات الجغرافية: تشير التقارير إلى أن عناصر القاعدة قد تمر عبر مناطق الحوثيين في البيضاء وعمران للوصول إلى المناطق الجنوبية، مما يدل على وجود ممرات آمنة بين الجانبين. إذا كانت هذه التحركات تتم بحرية، فإن ذلك يُعد مؤشرًا على تنسيق ضمني أو تفاهمات لتيسير تحركات التنظيمات الإرهابية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.


3. الاستهداف المشترك للجنوب: الاستهداف المستمر للمجلس الانتقالي في الجنوب يعكس تضافر جهود الحوثيين وتنظيم القاعدة لإرباك الوضع الأمني في المناطق المحررة. الهدف من هذه العمليات ليس فقط تعطيل الأمن في الجنوب، بل إضعاف قوة الانتقالي في التصدي لهذه التنظيمات الإرهابية، وبالتالي إضعاف الحضور الفاعل للتحالف العربي في المنطقة.

 

خامسًا: القيادات الشمالية ودورها في التحركات الإرهابية

هناك تقارير تتحدث عن وجود قيادات شمالية تتعاون مع الحوثيين وتنظيم القاعدة. هذه القيادات تتمتع بنفوذ واسع في المناطق الشمالية، ويمكنها تحريك عناصر التنظيمات الإرهابية في توقيتات معينة، مما يتيح لها إرباك الجبهة الجنوبية.

**تلك القيادات قد تلعب دورًا في دعم العمليات الإرهابية عبر توفير دعم لوجستي، مالي، أو حتى معنوي لعناصر القاعدة، مما يعزز موقف الحوثيين في تنفيذ استراتيجياتهم التفكيكية في الجنوب.

سادسًا: استراتيجية الحوثيين والقاعدة في تهديد الجنوب

تسعى القاعدة والحوثيون إلى إطالة أمد الصراع في اليمن من خلال إضعاف الجنوب وتفكيك المشاريع السياسية والأمنية التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي. هذه الاستراتيجية تهدف إلى:

إرباك الأمن والاستقرار في الجنوب.

ضرب صورة التحالف العربي أمام الرأي العام اليمني والدولي.

تأجيل أي حل سياسي يمكن أن يساهم في إنهاء الحرب.


خلاصة التقرير:

ما يجري في الجنوب من عمليات إرهابية منظمة في مقابل الهدوء في مناطق الحوثي لا يمكن أن يكون مجرد صدفة. هناك معطيات تشير إلى تنسيق غير مباشر – وربما مباشر – بين الحوثيين وتنظيم القاعدة. هذا التنسيق يستهدف إضعاف الجبهة الجنوبية التي يديرها المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يُعد في الوقت نفسه هدفًا رئيسيًا لهذه التنظيمات الإرهابية. يضاف إلى ذلك دور القيادات الشمالية في تفعيل هذه العمليات لضرب استقرار الجنوب، وهو ما يساهم في إطالة أمد الصراع وإضعاف موقف التحالف في المنطقة.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024