شهد التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) تطورات جوهرية على مستوى قيادته ومساره السياسي حيث عقدت قيادته العامة سلسلة من الإجتماعات المكثفة استمرت عدة أيام بمشاركة ممثلين من مختلف المحافظات الجنوبية وبلدان الشتات .
لم تكن هذه الإجتماعات مجرد لقاءات دورية بل شكلت محطة مفصلية لإعادة تقييم أداء الحزب منذ حرب 2015 في ظل متغيرات سياسية وعسكرية متسارعة وتعزيزاً لدوره في الشراكة مع المجلس الانتقالي الجنوبي .
أسفرت الإجتماعات الأخيرة عن قرارات جوهرية على رأسها تجديد القيادة عبر ترشيحات جديدة لرئاسة الحزب، الأمانة العامة، واللجنة التنفيذية، وهي خطوة تعكس قدرة “تاج” على التكيف مع المتغيرات وإعادة ترتيب صفوفه لمواكبة التحديات الراهنة هذه التحولات لا تمثل مجرد تغيير وجوه بل تحمل في طياتها رسالة سياسية مفادها أن الحزب يسعى إلى تعزيز فاعليته التنظيمية وترسيخ حضوره في المشهد الجنوبي عبر نهج أكثر ديناميكية .
شكلت مشاركة “تاج” في اللقاء التشاوري الجنوبي الذي عُقد في العاصمة عدن مايو 2023 نقطة تحول بارزة في مسيرته إذ أكدت القيادة العامة للحزب دعمها لمخرجات اللقاء بما في ذلك “الميثاق الوطني”، و”وثائق الحوار والتفاوض”، و”بناء الدولة الجنوبية”. هذه المواقف توضح أن “تاج” لم يعد مجرد حزب معارض بل بات فاعلاً رئيسياً يسعى إلى ترسيخ موقعه كشريك سياسي في المشروع الجنوبي .
من أبرز مخرجات الإجتماعات الأخيرة التأكيد على إستمرار الشراكة مع المجلس الإنتقالي الجنوبي بإعتباره المظلة السياسية للحراك الجنوبي وقد شددت قيادة “تاج” على أهمية التنسيق المشترك لمواجهة التحديات الراهنة لا سيما في ظل تصاعد التهديدات الأمنية والسياسية التي تحيط بالجنوب هذه الشراكة قد تساهم في توحيد الرؤى والجهود وتعكس التزام “تاج” بدوره الوطني كشريك فاعل يسهم في تعزيز وحدة الصف الجنوبي مع الحفاظ على نهجه السياسي الداعم لإستقلال القرار الجنوبي .
أكدت قيادة “تاج” على أن الحوار الجنوبي – الجنوبي ليس مجرد شعار بل ركيزة أساسية لبناء اصطفاف وطني متماسك. فالمشهد الجنوبي رغم الإنجازات المحققة لا يزال يعاني من التباينات السياسية ما يستدعي تجسيد مبدأ الحوار في الواقع العملي بعيداً عن الصراعات والمزايدات الداخلية التي قد تضعف المشروع الوطني الجنوبي في هذا السياق تبدو توجهات “تاج” نحو الحوار بمثابة خطوة ناضجة تعكس إدراكه لأهمية توحيد الكلمة والقرار السياسي الجنوبي .
رغم التحولات التي شهدتها القيادة إلا أن “تاج” جدد تمسكه بثوابته التحررية مؤكداً إستمرار نضاله من أجل إستعادة الدولة الجنوبية المستقلة هذه الرسالة تثبت إصراره على المضي في مساره السياسي كحركة تحرر وطنية مما يعزز موقعه كأحد القوى الفاعلة في الجنوب .
تمثل التحولات الأخيرة في “تاج” خطوة إيجابية نحو تعزيز دوره السياسي حيث تعكس رغبة واضحة في إعادة ترتيب الصفوف وفق رؤية أكثر انسجاماً مع المتغيرات الراهنة غير أن نجاح هذا التوجه مرهون بمدى قدرته على التفاعل بمرونة مع المشهد السياسي وإدارة شراكته مع المجلس الإنتقالي بذكاء سياسي يحفظ له دوراً مؤثراً.
في الختام لا يسعنا إلا أن نهنئ التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) على هذه الخطوة المهمة في مسيرته متمنين له مزيداً من التقدم والنجاح في تعزيز دوره الوطني وترسيخ حضوره السياسي والإسهام الفاعل في تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي نحو مستقبل أكثر إستقراراً وازدهاراً في ظل دولة جنوبية حرة ومستقلة