في وقت أنذرت فيه التطوّرات الميدانية المفاجئة التي بدأت فجر الأربعاء الماضي من مدينة حلب السورية الواقعة شمال سوريا، وامتدت إلى حماة في وسطها عقب دخول "هيئة تحرير الشام" برفقة فصائل مسلّحة إلى المدينتين، بواقعٍ جديد في البلاد لاسيما في حلب التي كانت تخضع بالكامل لسيطرة القوات الحكومية السورية منذ أن خسرتها الفصائل المعارضة عام 2016، لفتت الأنظار إلى المستفيد الأبرز.
إسرائيل أم تركيا؟
فقد ربط محللون تهديد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يوم إعلانه وقف الار في لبنان الأسبوع الماضي، الرئيس السوري علناً بأنه "يلعب بالنار"، ما وجّه الأنظار إلى احتمال أن تكون سوريا هي ساحة الحرب التالية لإسرائيل بعد لبنان، ليبدأ بعد ساعات فقط الهجوم المنسق للفصائل السورية ضد الحكومة.
وأضافت التحليلات أن هناك احتمال أن تكون إسرائيل قد رأت أن الهجوم سيضعف الوجود الإيراني في سوريا وبالتالي إنهاء معضلة تمرير الأسلحة الذي كان سببا لإطلاق نتنياهو تهديداته.
عن هذا أفاد المحلل العسكري السوري أحمد عوض الزعبي، أن هذا كان واضحاً فعلاً، وتهديد نتنياهو أشار إلى احتمال اندلاع حرب.
من ناحية أخرى، هناك تركيا التي تُعدّ أحد اللاعبين الرئيسين في النزاع السوري، حيث تدعم الفصائل المسلحة في محافظة إدلب الملاصقة لحدودها.
ولوحت تحليلات إلى أن الهجوم الأخير يخدم المصالح التركية، إذ يسعى إلى إنشاء منطقة آمنة لاحتضان اللاجئين السوريين، وهو ما يمثل أولوية قصوى لأنقرة.
كما أن تركيا تسعى إلى الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، الذي يهدد أمنها القومي.
عن هذا أوضح الباحث السياسي مهند حافظ أوغلو، أن تركيا لم تقطع الطريق ضد أي مفاوضات مع الحكومة السورية، بل إنها تترك الباب موارباً.
وأضاف لـ"الحدث"، أن الأسد في موسكو للنقاش وإيجاد الحلول، وأن عودة العلاقات بين البلدين لطالما كان مطلباً روسياً.
إلا أنه ورغم ذلك أشار إلى أن ما حدث قد يكون رسالة تركية بلباس عسكري خشن من اجل دفع الحكومة السورية لعودة العلاقات، وذلك بعد أشهر من التعند من قبل دمشق، بحسب قوله.
ورأى أوغلو أن التطبيع مع تركيا سيحمي جغرافية البلدين (تركيا وسوريا)، ويدحر الإرهاب من وجهتي النظر التركية بردع الأكراد والسورية بتحرير الشام وغيرهما.
أيضا اعتبر أن الحكومة السورية وضعت شروطا تعجيزية للأتراك بخصوص طلب الانسحاب، إذ أن الجيش السوري لا يستطع ملأ الفراغ، وفق قوله.
وأوضح أن مايجري مطلب غربي إضافة إلى أنه تركي، إذ أنه قد يجني من ذلك إقامة منطقة آمنة يعود إليها اللاجئون السوريون حتى من في أوروبا مثلاً.
هجوم مباغت مفاجئ
يشار إلى أن الفصائل المسلحة و"هيئة تحرير الشام" كانت حققت المزيد من التقدم في حلب شمال سوريا، خلال الساعات القليلة الماضية.
وأكد المرسد السوري لحقوق الانسان اليوم الأحد أن تلك الفصائل سيطرت على ي على بلدتي خناصر و السفيرة، فضلا عن طريق حلب دمشق او ما يعرف بـ M5، ومطار كويرس بريف حلب بالإضافة إلى مواقع عسكرية أخرى على أطراف حلب.
كما أوضح أن مدينة حلب بات كلياً خارج سيطرة الجيش السوري، عقب انسحاب وحداتها منها دون مقاومة.
ولفت مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى أن هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها سيطرت على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية، ما يجعل المدينة لأول مرة خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع" عام 2011.
كذلك، أوضح أنه "لم يعد هناك أي مكان لدخول المدينة، لاسيما بعد قطع طريق حلب خناصر من قبل الجيش الوطني الموالي لتركيا"، حسب قوله.
وانطلق الهجوم المباغت الذي شنته الفصائل المسلحة منذ الأربعاء الماضي، بشكل مفاجئ، فيما انسحبت معظم القوات السورية من حلب، ثاني أكبر المدن في البلاد، علماً أنها كانت أحكمت قبضتها عليها منذ عام 2016، إثر هزيمة المسلحين.
وأدى هذا الهجوم إلى تصاعد المخاوف في العراق فضلا عن وروسيا وإيران، حليفتي دمشق، بينما أكدت أنقرة أن لا علاقة لها بهذا التطور العسكري