في الذكرى الـ57 لعيد الاستقلال .. الجنوب يجدد مسار النضال لاستعادة دولته


عدن 24/تقرير/ فاطمة اليزيدي

“سياسيون: الذكرى الـ  57 للاستقلال هذا العام ليست مجرد مناسبة للاحتفال بل هي فرصة لتذكير العالم بمعاناة الجنوب واملة في استعادة الحقوق وتحرير الأرض الاحتلال اليمني”.

بن دغار: الاستقلال الثاني هدفنا ولن نتراجع حتى تحقيقه.

نعمان: الإرادة الشعبية والتسامح أساس تحقيق الاستقلال ونهضة الجنوب

الشعيبي: الوحدة مع اليمن كانت فاشلة و2015 مثلت نقطة تحول كبيرة للجنوب

صالح: ذكرى الاستقلال تُجسد تضحيات شعب الجنوب ونضاله لتحقيق السيادة الكاملة

يحتفي شعب الجنوب في الثلاثين من نوفمبر من كل عام بذكرى استقلاله المجيد في عام 1967، يوم خروج آخر جندي بريطاني من العاصمة عدن. تأتي هذه المناسبة العظيمة بينما يخوض شعبنا معركة حاسمة لنيل استقلاله الثاني، متسلحًا بانتصارات تاريخية ومكاسب عسكرية وسياسية يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي، على طريق استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.

يمثل هذا اليوم محطة فارقة في تاريخ النضال الوطني، حيث تُوجت عقود من الكفاح البطولي بالاستقلال، ليصبح هذا الحدث أكثر من مجرد ذكرى احتفالية؛ إنه تجديد لعهد النضال وتعزيز للإصرار على التحرير واستعادة السيادة الوطنية.

ويؤكد الجنوبيون عزمهم على المضي قدمًا نحو الاستقلال الكامل، ومواصلة مسيرة التحرر في مواجهة أعتى التنظيمات الإرهابية المعادية للجنوب، في هذا السياق، يقود المجلس الانتقالي الجنوبي تطلعات شعبه عبر جهود ملحمية، يتصدى من خلالها لمختلف المخططات والمؤامرات التي تستهدف حقوق الجنوبيين المشروعة في استعادة دولتهم، وترسيخ مكانتها على خارطة المستقبل.

تضحيات عظيمة وإصرار لا ينكسر

في إطار الاحتفال بالذكرى السابعة والخمسين لاستقلال الجنوب في 30 نوفمبر، تواصلت “عدن 24” مع نخبة من السياسيين والأكاديميين، حيث استهل اللقاء نائب رئيس لجنة الحقوق والحريات في الجمعية الوطنية، الأستاذ سالم أحمد صالح بن دغار، قائلاً: “عيدٌ بأي حال عدت يا عيد؟”

وأضاف بن دغار: “نعم، بأي حال عدت؟ لقد عدت لنجدد الاحتفاء بذكرى الاستقلال الوطني المجيد في 30 نوفمبر 1967، والذي تحقق بفضل تضحيات عظيمة قدمها أبناء شعبنا خلال أربع سنوات من الكفاح المسلح، حيث أجبرت ضربات ثوار الجبهة القومية وجبهة التحرير وبقية الفصائل الوطنية الجيش البريطاني على مغادرة أرض الجنوب صاغرًا.”

وأكد بن دغار أن هذه الذكرى تأتي في ظل استمرار معاناة شعبنا تحت وطأة الاحتلال اليمني، وفي ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية.

وتابع: “برغم التضحيات التي قُدمت في مسيرة التحرر الثانية، والتي فاقت آلاف المرات ما قدمه شعبنا في نوفمبر 1967 ضد الاستعمار البريطاني، إلا أننا ما زلنا نناضل لتحقيق الاستقلال الكامل.”

واختتم حديثه قائلاً: “لقد مضت أكثر من عشر سنوات عجاف، خاض فيها شعبنا معركة بطولية، وقدم خلالها آلاف الشهداء وشلالات من الدماء الطاهرة مشددا على المضي بثبات نحو الاستقلال الثاني، ليكون الاحتفال قريبًا بعيدين في يوم واحد؛ يوم يتوج فيه نضال شعبنا الجنوبي الأبي بدحر المحتل اليمني إلى الأبد، وتحقيق السيادة الكاملة”.

الإرادة الشعبية وقوة التغيير:

بدوره أكد رئيس قسم العلوم السياسية، الدكتور سامي محمد قاسم نعمان، في حديثه لـ”عدن 24″، بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لاستقلال الجنوب، أن الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق المستحيل.

وقال: “في هذا اليوم المجيد، نتذكر أن لا شيء مستحيل، وأن الشعوب تستطيع تحقيق أعظم الإنجازات إذا توفرت النية الصادقة والإرادة الحقيقية.

وأضاف: “التسامح، ونبذ التعصب، والاستماع للآخر، هي أهم ركائز البناء والتقدم، بينما تُعد العصبية والمناطقية أخطر معاول هدم الدول.”

وشدد الدكتور نعمان على أن التعليم واكتساب الخبرات هما أساس أي نهضة حقيقية، مشيرًا إلى أن “التعليم قد يستغرق سنوات طويلة، لكن نتائجه عظيمة، ويمكن أن تحقق تقدمًا وازدهارًا يمتد لعقود.”

واختتم حديثه بالتأكيد على أن الثورة ليست مجرد كفاح مسلح، بل تشمل أيضًا مواجهة الجهل ومحاربة الفساد، معتبرًا أن هذه المعركة الفكرية والاجتماعية لا تقل أهمية عن النضال على الأرض.

محطات تاريخية في نضال الجنوب:

من جانبه أكد الدكتور محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي والتخطيط الاستراتيجي والإدارة العامة والحوكمة، في حديثه لـ”عدن 24″، أن الجنوب مر بمنعطفات تاريخية كبرى منذ الاستقلال الأول وصولًا إلى مسيرة الاستقلال الثاني.

وقال: “بعد الاستقلال الأول في 30 نوفمبر 1967، شهد الجنوب تأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كدولة وليدة نشأت على أنقاض مشيخات وإمارات وسلطنات كان الاحتلال البريطاني قد فككها واستغل موقع عدن الاستراتيجي لتعزيز نفوذه في الشرق الأوسط والعالم.”

وأضاف: “رغم التحديات، نجح الجنوب في بناء دولة مدنية حديثة، قائمة على أسس التعليم والصحة، مع دعم دور المرأة والرجل وحق المساواة بينهما، مما خلق مجتمعًا تسوده العدالة الاجتماعية.”

وأشار الدكتور الشعيبي إلى أن الدولة تحولت لاحقًا إلى “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” تحت نظام الحزب الواحد، الذي رغم أخطائه، حقق إنجازات ملموسة. وأوضح: “في تلك المرحلة، كانت الأمية شبه منعدمة، والأمراض تحت السيطرة، كما شهد الجنوب تعليمًا متطورًا ونهضة شاملة في مختلف القطاعات، خاصة في مجال تمكين المرأة.”

وتابع حديثه عن التحديات التي واجهها الجنوب، والتي أدت في النهاية إلى الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية، واصفًا تلك الوحدة بالفاشلة. وقال: “هذه الوحدة فتحت الباب لعودة الاحتلال اليمني إلى الجنوب، ما دفع الشعب الجنوبي إلى النضال السلمي لعقد من الزمن عبر المظاهرات والثورات الشعبية.”

وأكد الدكتور الشعيبي أن عام 2015 مثل نقطة تحول مهمة، حيث استطاع أبناء الجنوب، بدعم من التحالف العربي، دحر القوى المعتدية ومع ذلك، أشار إلى أن معركة التحرير لم تنتهِ بعد، وأن الجنوبيين مستمرون في مسيرتهم نحو الاستقلال الكامل عبر الوسائل السلمية، وفي إطار الشرعية الدولية، كما أكد الرئيس عيدروس الزُبيدي.

واختتم حديثه قائلاً: “يبقى التحرير والاستقلال حلمًا وهاجسًا يرافق أبناء الجنوب عبر كل المراحل التاريخية، وسيظل هدفًا ثابتًا حتى تحقيق السيادة الكاملة.”

دروس من جيل النضال الأول:

بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين للاستقلال الوطني الجنوبي، عبر نائب رئيس اللجنة الاستشارية للشؤون السياسية في مجلس المستشارين، الدكتور صالح طاهر سعيد، عن فخره واعتزازه بمسيرة النضال الجنوبي، قائلاً في حديثه لـ”عدن 24″: “ننحني إجلالًا لكل مناضل شجاع من جيل النضال الأول، الذين انخرطوا في معارك الكفاح ضد المستعمر الأجنبي، وكان شعارهم الحرية والاستقلال، وحلمهم هو بناء دولة وطنية مستقلة لشعب الجنوب من المهرة إلى مضيق باب المندب.”

وأضاف: “لقد كان الثلاثون من نوفمبر، يوم الاستقلال الوطني، هو يوم تحقق فيه الهدف الأسمى للأمة الجنوبية. في هذا اليوم، أعلن شعب الجنوب دولته المستقلة وحددت حقوقه الوطنية الثابتة، حيث أصبح له هوية وسيادة كاملة على أراضيه بحدود دولية معترف بها. وقد تم قبول دولة الجنوب كعضو كامل في الأمم المتحدة، ما جعل حقوقه مكفولة وفقًا للقانون الدولي والمبادئ والمواثيق التي يقوم عليها النظام الدولي.”

وأكد الدكتور صالح طاهر سعيد أن هذا الإنجاز العظيم لم يكن ليحدث لولا التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء الجنوب، من شهداء ومناضلين، الذين حملوا راية الحرية والاستقلال، واستخدموا كافة أساليب النضال المسلح التي شملت كل أرجاء الجنوب.

وأضاف: “لقد استعاد الجنوب أرضه وامتزجت دماؤه بنضال العرب على مستوى الإقليم، ليصبح جزءًا فاعلًا في النظام الدولي ومؤسساته الشرعية.”

واختتم حديثه بالدعوة إلى استلهام دروس الماضي، قائلاً: “ندعو أجيال الحاضر إلى الاستفادة من تجارب الأجيال السابقة في نضالهم لاستعادة الحقوق الثابتة، وتحقيق سيادة الجنوب واستقلاله، فقد ضاعت هذه الحقوق حين تحول نضالنا من مربع الحق إلى مربع الأيديولوجيا والأهواء، حين ابتعدنا عن ثوابتنا وارتبطنا في اتفاقاتنا واختلافاتنا بما هو متغير

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024