يبدو أن إسرائيل لن تنسحب من قطاع غزة الذي قطعت أوصاله، وحولته إلى مناطق غير متواصلة بين أجزائها الشمالية والجنوبية والوسطى، قبل أواخر السنة المقبلة.
هذا ما وشت به الأعمال التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في القطاع المنكوب، من بناء سدود وطرق واسعة تفصل المناطق المدمرة، فضلا عن شبكات مياه وصرف صحي وكهرباء ضمن مواقع الجنود، وفق ما أفادت صحيفة "هآرتس".
فهذه المشاهد تكررت شمالا وجنوبا وفي الوسط، عند ممر نتساريم وغيره، ما يوحي بأن القوات الإسرائيلية باقية لفترة طويلة، على الأقل في المرحلة الأولى.
رسم بياني
لكن تلك المشاهد ليست وحدها التي تؤكد أن الجيش الإسرائيلي باق حتى أواخر العام المقبل، بل "الرسم البياني القتالي لعام 2025" الذي وزع خلال الأسابيع الأخيرة على الجنود والقادة الإسرائيليين يوحي بذلك أيضا، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
فمنذ بضعة أسابيع، بدأ الجيش الإسرائيلي بحملة تدمير واسعة للمباني والبنية التحتية بحيث يستحيل لأحد العيش أو الاختباء فيها، ثم شق الطرق قاسما القطاع إلى 4 أجزاء، تحضيرا لبناء المزيد من المنشآت العسكرية الدائمة.وفي السياق أكد أحد الجنود الإسرائيليين، الذين خدموا بالقرب من ممر نتساريم الذي يفصل قطاع غزة إلى قسمين شمالا وجنوبا: "لدينا مطبخ وكنيس وحاويات محمية".
كما أضاف "أنه ورفاقه كانوا يتجولون أحيانا من دون خوذات وسترات واقية، بل يلعبون كرة القدم داخل الموقع، كما لو أنهم ليسوا في منطقة حرب"، وفق تعبيره، ما يشير إلى مدى اتساع تلك المنطقة وتحصينها.
إفراغ الشمال
إلى ذلك، عمد الجيش الإسرائيلي إلى إفراغ الشمال من سكانه، رغم أن القيادات السياسية نفت مرارا تنفيذ ما يعرف بـ "خطة الجنرالات في غزة".
كما عمدت القوات الإسرائيلية بشكل منهجي إلى هدم المباني التي لا تزال قائمة في شمال القطاع.
وفي السياق، أكد أحد كبار القادة العسكريين الإسرائيليين الذين كانوا في غزة أنه خلال الأشهر الأخيرة الماضية، لم يطلب من القوات الإسرائيلية سوى شيء واحد، ألا وهو نقل السكان الفلسطينيين إلى الجنوب، وتسوية المباني بالأرض، ثم بناء مواقع للجيش.
كما أضاف أن "هذه المواقع لم تبنَ لتبقى شهرا أو شهرين فقط".
توسيع نتساتريم وفيلادلفي
وبحسب الخطة الإسرائيلية التي يتم تنفيذها، يعمل الإسرائيليون على السيطرة على ما لا يقل عن أربع مناطق واسعة في أجزاء مختلفة من القطاع، وليس فقط شمال غزة.
فإلى جانب شمال غزة، وممر نتساريم الذي وسعته القوات الإسرائيلية، مدمرة كل ما كان عليه من أبنية، ومحولة إياه إلى صحراء قاحلة، قبل أن تنصب مواقعها، الأمر سيان على ما يبدو في ممر فيلادلفي (أو ما يعرف بمحور صلاح الدين)، حيث تواصل توسيعه، وتدمير ما حوله.
وكانت الأمم المتحدة أكدت مرارا في السابق أن الدمار الذي شهده قطاع غزة غير مسبوق، حيث دمرت ثلثي المباني بشكل جزئي أو كلي، ومحيت مناطق برمتها.
فيما لم تفض عدة جولات سابقة من المفاوضات إلى وقف إطلاق النار، لاسيما مع تمسك رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالبقاء العسكري في عدة مناطق بغزة.